كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

البيت: لذي الرمة. وقال ابن قتيبة في تفسيره: خبرت عن الأصمعي أنه قال: أراد أو حين أقبل الليل نصبت آذانها، وكانت مسترخية، والليل مائل عن النهار، فحذف. وهذا التفسير يحتاج إلى تلخيص وإيضاح. وحقيقته أنه حذف الجملة التي أضاف إليها حين أراد أو حين أقبل الليل، ولا يجوز أن يكون حين مضافاً على قول الأصمعي إلى نصبت، لأن (نصبت) عنده جواب لما، وإذا كان جواباً لم تجز إضافة حين إليه ومعنى لباسها الليل. دخولها فيه، والتقدير: فلما لبست الحمير الليل، أو حين أقبل الليل قبل أن تلبسه، نصبت آذانها، وتشوفت للنهوض إلى الماء، لأنها لا تنهض لورد الماء إلا ليلا، والخذا: استرخاء الأذنين، يريد أن آذانها كانت مسترخية من الحر، فلما أقبل الليل وضعف الحر، نصبت آذانها" وهذا كله على مذهب الأصمعي. وذهب غير الأصمعي على أن حين مضاف إلى (نصبت)، وأن جواب لما في البيت الذي بعد هذا، وهو قوله:
حداهن شحاج كأن سحيله ... على حافتيهن ارتجاز مفاضح
فتقديره على هذا: فلما دخلت الحمير في الليل، أو في الحين الذي تنصب فيه آذانه" وهو حين إقبال الليل، حداها الحمار نحو الماء. والهاء في قوله (له) عائدة على الليل، ولا يجوز أن تكون للتبعيض يريد أن مجيء الليل أذهب بعض حذا آذانها ولم يذهب جملته، وإنما تذهب جملته إذا تمكن الليل وقوى برد الهواءن وزال مابها من العطش بورود الماء. وقبل هذا البيت:

الصفحة 183