كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وأنشد في باب حروف توصل بما وبإذ وغير ذلك.
(137)
(ويلمه رجلاً تابى به غبناً ... إذا تجرد لا خال ولا بخل)
البيت للمتنخل الهذلي. واسمه مالك بن عمرو، ويكنى أبا أثيلة. ويقال (المتنخل) بكسر الخاء وفتها، فمن كسرها أراد أنه يتنخل الشعر ويستجيده، ومن فتحها أراد أنه مقدم على الشعراء متخير منهم، وهذا البيت من شعر رثى به ابنته أثيلة، وهي التي يكنى بها، وقبله:
تبكي على رجل لم تبل جدته ... خلى عليك فجاجاً بينها سبل
والغبن، بفتح الباء، الخديعة في الرأي. والغبن بسكون الباء: الخديعة في الشراء والبيع. وفعل الأول: غبن يغبن، على مثال حذر يحذر، وفعل الثاني غبن يغبن، على مثال: ضرب يضرب. ومعنى التجرد هاهنا التشمير للأمر، والتأهب له. وأصل ذلك: إن الإنسان يتجرد من ثيابه إذا حاول فعل أمر أو الدخول في حرب، فصار مثلاً لكل من جد في الشيء وإن لم يتجرد من ثيابه. ويجوز أن يراد بالتجرد للأمر: الانسلاخ من جميع الأمور سواه. وقوله (لا خال) (ولا بخل) فيه وجهان: أحدهما أن يريد بالخال الاختيال والتكبر، من قولهم رجل فيه خال: إذا كانت فيه خيلاء، قال الشاعر:
فإن كنت سيدنا سدتنا ... وإن كنت للخال فاذهب فخل

الصفحة 186