كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

فيكون تأويله على هذا لا فيه خال ولا بخل، فيكون مبتدأ محذوف الخبر، ويجوز أن يكون التأويل: لا ذو خال ولا ذو بخل. فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. و (خال) في هذا الوجه: خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال: لا هو ذو خال.
والوجه الثاني: أن يكون من قولهم: رجل خال: إذا كان متكبراً، كأنهم سموه بالخال الذي هو التكبر، لكثرته منه، كما يقال: ثوب نسج اليمن، أي منسوج، وكما يقال للرجل إذا كثر أكله وشربه ما أنت إلا أكل وشرب. ويجوز أن يكون صفة بنيت على مثال بطر وأشر، ويكون أصله خول، فانقلبت الواو ألفاً، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فيكون بمنزلة قولهم: (رجل مال، ويوم راح وكبش صاف)، فيرتفع (خال) في البيت على أنه خبر مبتدأ مضمر، كأنه قال: لا هو خال، ولا ذو بخل فيقدر في (بخل) حذف مضاف، لأنه مصدر، ولا تقدره مع خال، لأنه اسم وإن أجريت المصدر مجرى الاسم مبالغة في المعنى، كما ذكرنا، لم تقدر مضافاً محذوفاً في الثاني، كما لم تقدره في الأول. وقد روى: ولا بخل، بكسر الخاء، فهذا اسم فاعل لا مصدر. وأما من أجاز في (خال) الذي يراد به الرجل المتكبر، أن يكون مقلوباً من خايل، فلا يصلح في هذا الموضع، لأنه كان يجب أن يروى: لاخال، يكسر اللام، ولا نعلم أحداً رواه هكذا، وإن كان قد روى فهذا مجازه. وعلى هذا تأول بعضهم بيت امريء القيس:
وامنع عرسي أن يزن بها الخالي

الصفحة 187