كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

استضعفوا لمن آمن منهم) جاز ذلك. وقد أجاز النحويون تأخر الصفة بعد الخبر في نحو قولك إن زيدا خارج الكريم. والصفة أشد اتصالا بالموصوف من البدل، وأجازوا ذلك في المعطوف، كقولك إن زيدا خارج وعمراً، وعمرو على اللفظ وعلى الموضع، وإذا جاز في الصفة، كان في البدل أجوز.
وأنشد ابن قتيبة:
(7)
(رمته أناة من ربيعة عامر نؤوم الضحى في مأتم أي مأتم)
هذا البيت لأبي حية النميري، واسمه الهيثم بن الربيع. وقوله (رمته أناة) أي فتنته بمحاسنها، وصادته بعينيها، فكأنها رمته من ألحاظها بسهم قتله. والشعراء يشبهون العيون بالسهام واليسوف والرماح. والأناة: المرأة التي فيها فتور عند القيام، وهي مشتقة من الونى، وهو الإعياء والفتور، والهمزة فيها منقلبة عن واو، ولم تبدل الهمزة من الواو المفتوحة إلا في ألفاظ يسيرة، هذا أحدها، وأكثر ما تبدل من الهمزة المضمومة، نحو وجوه وأجوه، ومن المكسورة في نحو وشاح وإشاح وهو أقل من إبدال المضمومة. وقوله من ربيعة عامر، في موضع رفع على الصفة لأناة، فمن متعلقة بمحذوف، وهو الصفة التي ناب المجرور عنابها كأنه قال: كائنة من ربيعة عامر ونحو ذلك. وقوله (مأتم): يجوز أن

الصفحة 19