كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وأنشد في باب ما لا ينصرف:
(143)
(لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعد ولم تسق دعد في العلب)
هذا البيت يروى لجرير، ويروى لعبد الله بن قيس الرقيات. والتلفع: الاشتمال بالثوب، والالتحاف فيه. والعلب: جمع علبة، وهو إناء يصنع من جلود الإبل. وصف أن دعداً نشأت في الرفاهية والنعمة، ولم تكن من البدويات اللواتي يتلفعن بالمآزر، وتشربن الألبان في العُلب. وهذا ضد قول بعض الأعراب:
لعمري لأعرابية في عباءة ... تحل دماثاً من سويقة أو فندا
أحب إلى القلب الذي لج في الهوى ... من اللابسات الخز يظهرن لي كندا
ويجوز في (دعد) الأولى الصرف وترك الصرف، ولا يجوز في الثانية الصرف، لفساد وزن الشعر. وكرر ذكر دعد ولم يضمرها تنويهاً بذكرها، وإشارة أو تلذذاً لاسمها واستطابة كما قال الآخر:
عذاب على الأفواه ما لم يذقهم ... عدو وبالأفواه أسماؤهم تحلو
وقد تكرر العرب ذكر الاسم، على غير وجه الإشارة والاستطابة، ولكن لضرب من المبالغة، أو على وجه الضرورة، فإذا كان ذلك في جملتين حسن الإظهار والإضمار، لأن كل جملة تقوم بنفعها، كقولك جاءني زيد، وزيد رجل فاضل. وإن شئت قلت: وهو رجل فاضل. وإذا كان في جملة واحدة

الصفحة 195