كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

قبح الإظهار، ولم يكد يوجد إلا في الشعر، كقولك زيد جاء زيد، فمن الأول قوله تعالى: (لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتي رسل الله، الله أعلم حيث يجعل رسالته). ومنه قول الفرزدق:
لعمرك ما معن تبارك حقه ... ولا منسيء معن ولا متيسر
ومن الثاني قول سوادة بن عدي:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء ... نغص الموت ذا الغنى والفقيرا
فإذا اقترن بالثاني حرف الاستفهام لمعنى التعظيم والتعجب، كان الباب الإظهار، كقوله تعالى: (الحاقة ما الحاقة) و (القارعة ما القارعة)؟ والإضمار جائز كما قال (فأمه هاوية، وما أدراك ما هية): ويروى بالعُلب، وفي العلب، وإنما حسن دخول (في) هاهنا لن تأويله لم تسق اللبن في العلب: ويروى ولم تغذ. وقد تقدم في كلامنا في حروف الجر التي يقع بعضها موضع بعض ما فيه كفاية.
* * *
وأنشد في باب أوصاف المؤنث بغير هاء:
(144)
(أبي حبي سليمي أن يبيدا ... وأمسى حبلها خلقا جديدا)
هذا البيت لا أعلم قائله. وقد فسر ابن قتيبة الجديد ههنا بأنه المقطوع. وانتصابه على وجهين: أحدهما: على الصفة لخلق. والثاني: أن يكون خبراً بعد خبر. ومعنى يبيد: يهلك. يقول محبتي لها لم تذهب، وإن كان وصلها قد ذهب.

الصفحة 196