كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وأنشد في هذا الباب:
(145)
(أيا جارتا بيني فإنك طالقه ... كذاك أمور الناس غاد وطارقة)
البيت: لأعشى بكر. والجارة، هاهنا الزوجة. وكان تزوج امرأة من هزان، فوجد عندها فتى شابا، فقال لها من هذا؟ فقالت: ابن عمي فنهاها عنه، فلما رآها لا تنتهي طلقها، وقال هذا البيت، وبعده:
وبيني فإن البين خير من العصا ... وألا تزال فوق راسك بارقه
وما ذاك من جرم عظيم جنيته ... ولا أن تكوني جئت فينا ببائقه
وذوقي فتى قوم فني ذائق ... فتاة أناس مثل ما أنت ذائقه
فقد كان في فتيان قومك منكح ... وفتيان هزان الطوال الغرانقه
وقوله: (كذاك أمور الناس): مبتدأ، وخبره في المجرور، وقوله (غاد وطارقه): يرتفعان على وجهين أحدهما أن تجعل كل واحد منهما خبر مبتدأ مضمر، كأنه قال: بعضها غاد، وبعضها طارقه. والثاني: أن تجعل كل واحد منهما مبتدأ وتضمر له خبراً، كأنه قال: منها غادٍ، ومنها طارقه، فطارقة معطوفة على غاد على حد عطف الجمل على الجمل، لا على حد عطف المفرد على المفرد، وإنما كان كذلك، لأنه تقسيم وتبعيض، فلزم ذكر حرف التبعيض مع كل واحد من القسمين، ولو عطفت الثاني على الأول، كعطف المفرد على المفرد، ولم تقدر للثاني من الإضمار مثل ما قدرته للأول، لصار القسمان قسماً واحداً، واحتجت إلى قسم آخر يستوفي ما تضمنه المجمل الذي أردت تقسيمه،

الصفحة 197