كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

ومن روى من ورائهم أخرج الضمير مخرج الغيبة على لفظ الألف واللام، لأن معنى (الحافظ وعورة) نحن الذين يحفظون عورة. كما تقول أنا الذي قام، فيخرج الضمير مخرج الغيبة وإن كانت تعني نفسك، لأن معناه أنا الرجل الذي قام، وقد يقولون أنا الذي قمت. فعلى هذا رواية من روى من ورائنا.
* * *
وأنشد لطرفة:
(156)
(وإذا تلسنني ألسنها ... إنني لست بموهون فقر)
الملاسنة: المفاخرة، وتكون الملاسنة أيضاً أن تعاتب الرجل وتعاتبك. والموهون: الضعيف، يقال: وهنه وأوهنه. والفقر في قول الأصمعي: المكسور الفقار، والذي يشتكي فقاره ويقال فقير بالياء وهو بمعنى مفقور كما يقال قتيل بمعنى مقتول قال لبيد:
لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالفقير الأعزل
وقال أبو عبيدة: الفقر: البادي العورة الممكن لمن أراده من قولهم قد أفقرك الصيد فارمه أي أمكنك. يقول أبين عن نفسي كما تبين عن نفسها وأعاتبها كما تعاتبني ولست كالضعيف الذي لا يستطيع أن يقيم حجته، ويعرب عن نفسه وينقاد لخصمه، وإنما يمدح نفسه بعلو الهمة وانه ليس من يغلب عليه الهوى.
* * *

الصفحة 208