كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وإنما قال جرير هذا لأن عبيد بن عاضرة كان قد سئل عن الفرزدق وجريراً أيهما أشعر فقضى للفرزدق بالتقدم، فقال: كيف تقبل شهادته علينا وقد وترناه بنزع ثنيتيه وليس من العدل أن تقبل شهادة الموتور على من وتره. ومن روى مشهداً جعله مصدراً بمعنى الشهادة، لحقت الميم أوله كما تلحق المصادر دلالة على أنها مفعولات. ومن روى شهدا، أراد أفعالاً شهدا وأموراً شهدا ونحو ذلك من التقدير.
* * *
وأنشد ابن قتيبة في هذا الباب:
(163)
(أدين وما ديني عليكم بمغرم ... ولكن على الشم الجلاد القراوح)
هذا البيت لسويد بن الصامت الأنصاري، وزاد أبو حنيفة بعد هذا البيت:
على كل خوار كأن جذوعها ... طلين بقار أو بحمأة ماتح
وصف أن قومه لاموه على التعين والأخذ بالدين من الناس، فقال: لست أعول في قضاء ديني على أن تؤدوه عني من أموالكم فيشق عليكم ذلك، وإنما أعول في قضائه على غلة نخلي، والشم من النخل: الطوال، والجلاد: القوية الصابرة على الجدب، والقراوح: القليلة السعف. وقد توهم قوم أنه يصف إبلاً، وذلك غلط، والبيت الذي أنشدناه بعده، يدل على أنه يصف نخلاً ووصف

الصفحة 213