كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

انتحى، وأما أبو عبيدة معمر بن المثنى فإنه روى بعد هذا البيت
هصرت بفودي رأسها فتمايلت ... على هضيم الكشج ريا المخلخل
فالجواب هصرت على روايته، والعامل في (لما) فيه ثلاثة أقوال؛ أما على قول الكوفيين فالعامل فيها انتحى، وأما على رأي البصريين فالعامل فيها الجواب المحذوف، وأما على رأي أبي عبيدة فالعامل فيها هصرت. ولا يجوز أن يكون العامل فيها أجزنا لأن لما مضافة إليه، ولا يعمل المضاف إليه في المضاف، وكذلك لا يصح أن يعمل فيها انتحى على مذهب البصريين لأن انتحى عندهم معطوف على أجزنا، وداخل فيما أضيفت إليه لما، وكذلك على رأي من حكى عنه أبو إسحاق، لأن الجواب المقدر عنده هو العامل.
* * *
وأنشد في هذا الباب:
(168)
(فما برحوا حتى رأى الله صبرهم ... وحتى أشرت بالأكف المصاحف)
هذا البيت للحصين بن الحمام المزي قاله في حرب صفين، وذلك أن معاوية لما رأى أمر علي رضي الله عنه يقوى وأمره يضعفن شاور عمرو بن العاص وقال له: ما ترى؟ فقال له مر الناس برفع المصاحف، فأمر بخمسمائة مصحف فرفعت، فلما رأى أصحاب عليّ ذلك كفوا عن القتال، فقال لهم علي: إن هذه خديعة. فسألوهم ما شأن هذه المصاحف، فقال معاوية: نجعل القرآن حكماً

الصفحة 219