كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وقوله لست منهم جملة في موضع خفض على الصفة، ولو صيرتها صفة لفظية غير معنوية لزمك أن تقول: غير كائن منهم، أنت، لأن ليس فعل غير منصرف فلم يمكنك اشتقاق صفة منه، فأتيت بشيء هو في معناه، ولزمك أن تظهر الضمير لجريان الصفة على غير من هي له، و (في) متعلقة بمحذوف لوقوعها موقع خبر كان، والوجه في (ما) أن تكون بمعنى الذي، وقد يمكن أن تكون التي توصل بالفعل فتنوب مناب المصدر في نحو قولك أعجبني ما فعلت، أي فعلك، فكأنه قال: فكل علفك. ويجب على هذا أن يكون العلف بمعنى المعلوف؛ لأن نفس المصدر لا يعلف، فيكون كقولهم درهم ضرب الأمير؛ أي مضروب. والفرق بين ما المصدرية وما التي بمعنى الذي وإن كانت كل واحدة منهما موصولة أن التي بمعنى الذي يعود عليها من صلتها عائد، والمصدرية لا يعود عليها من صلتها. عائد؛ لأنها حرف بمنزلة أن الموصولة. والوجه أن تكون ههنا بمعنى الذي. وأما (من) فإنها التي تأتي للتنويع والتفصيل في نحو قولهم جاءني القوم من فارس وراجل و (من) هذه و (بين) يتعاقبان على المعنى الواحد، ألا ترى أنهم يقولون جاءني القوم بين فارس راجل فتؤدي ذلك المعنى بعينه. وكذلك لو قال فكل ما علفت بين خبيث وطيب لأدى ذلك المعنى بعينه. و (من) هذه تتعلق بمحذوف، ويدلك على ذلك أنك تجدها تنوب مناب الأخبار في نحو قولهم: القوم من ضاحك وباك وقول ذي الرمة:
والعيس من واسج أو عاسج خببا ... ينحزن من جانبيها وهي تنسلب

الصفحة 223