كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وهذا القول أشبه بالبيت. ولو أراد الطيب لم يكن لتخصيصه العشية معنى وقوله: (كأن تطيابها في الأنف مشموم) فيه قولان: أحدهما أن المشموم ههنا المسك، والآخر أنه وصف شدة تخيله لها وتذكره حتى كأن طيبها في أنفه وإن كانت قد فارقته، وهذا نحو قول الآخر:
فما مس جنبي الأرض إلا ذكرتها ... وإلا وجدت ريحها من ثيابيا
وهذا المعنى أراد أبو الطيب المتنبي بقوله:
ممثلة حتى كأن لم تفارقي ... وحتى كان اليأس من وصلك الوعد
وحتى تكادي تمسحين مدامعي ... ويعبق في ثوبي من ريحك الند
وقال عبد بني الحسحاس:
فما زال ثوبي طيباً من نسيمها ... إلى الحول حتى أصبح البرد باليا
* * *
وأنشد في هذا الباب:
(177)
(يا لك من قبرة بمعمر ... خلالك الجو فبيضي واصفري)
وبعده:
(ونقري ما شئت أن تنقري)

الصفحة 229