كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وقيل هذا البيت:
ولدى النعمان منى مشهد ... بين فاثور أفاق فالدحل
إذ دعتني عامر أنصرها ... والتقى الألسن كالنبل الدول
فرميت القوم رشقاً صائباً ... ليس بالعصل ولا بالمفتعل
فاثور أفاق والدحل: موضعان. والرشق (بكسر الراء) أن ترمي سهام كثيرة دفعة. والرشق (بفتح الراء): المصدر. والعصل: المعوجة. والمفتعل: الكذب، ويروى: المقتعل بالقاف، وهو السهم الذي لم يبر بريا جيداً. وقوله همت بالوحل جملة في موضع الحال عند البصريين، والعامل في هذه الحال ما في الكاف من معنى التشبيه، وهي صلة للطبع على مذهب الكوفيين كما قالوا في بيت الهذلي:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله ... وأقعد في أفيائه بالأصائل
وقد ذكرناه في موضع آخر. وأما الكاف فتحتمل أمرين أحدهما: أن تكون في موضع الحال أيضاً من الضمير في تولوا، كأنه قال: مشبهين روايا الطبع. والثاني: أن تكون صفة لمصدر محذوف. كأنه قال فاترا مشيهم فتورا كفتور مشي روايا الطبع، والوجه الأول أجود لأن في هذا الوجه الثاني حذفاً كثيراً فكان بعيداً لذلك.
* * *
وأنشد في باب ما جاء بالصاد، صدر بيت الأعشى بكر، والبيت بكماله:
(184)
(ترتعي اسفح فالكثيب فذاقا ... ر فروض القطا فذات الرئال)

الصفحة 235