كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وغير مشجوع القفا موتود فيه بقايا رمة التقليد
والرمة: الحبل البالي وقيل: بل لقبته بذلك مية وذلك أنه مر بخبائها قبل أن ينسب بها، فرآها فأعجبته، فأحب الكلام معها فخرق دلوه، وأقبل إليها وقال: يا فتاة اخرزي لي هذه الدلو فقالت إني خرقاء: والخرقاء: التي لا تحسن العمل:
فخجل غيلان، ووضع دلوه على عنقه وهي مشدودة بحبل بال، وولى راجعا، فعلمت منه ما أراد، فقالت: يا ذا الرمة انعطف، فانعطف، فقالت: إن كنت أنا خرقاء، فإن أمتى صناع، فاجلس حتى تخرز دلوك. ثم دعت خادمتها، وقالت: أخرزي له هذه الدلو، فكان ذو الرمة يسمى مية خرقاء، لقولها إني خرقاء، وغلب عليه ذو الرمة. وقد قيل إن الخرقاء غير مية. وقوله (قد أعسف النازح) العسف والاعتساف: ركوب الفلاة بلا دليل، والنازح: القفر البعيد. وقوله (يدعو هامه البوم): يريد أنه قفر خال موحش، يمدح نفسه بأنه يقطع القفار الخالية الموحشة، البعيدة عن الناس، التي يجهل الناس المشي فيها بالليل المظلم، وذلك أشد وأصعب على الماشي فيها. وقوله (يدعو هامه اليوم): جملة في موضع جر على الصفة لأخضر. وفي الكلام ضمير مقدر، يعود على الموصوف من صفته، كأنه قال: داع هامه البوم فيه. ويجوز أن يكون في موضع الحال من النازح. وفي الكلام أيضاً ضمير مقدر، يرجع إلى النازح، ويكون في البيت تقديم وتأخير، ويروى (في ظل أغضف). وبعد هذا البيت:
بالصهب ناصية الأعناق قد خشعت من طول ما وجفت أشرافها الكوم

الصفحة 24