كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

إليك بعثت راحلتي تشكى هزالا بعد محفدها السمين
إذا بركت على شرف وألقت عسيب جرانها كعصا الهجين
يعنى بالمحفد: السنام. والعسيب ههنا: عظم العنق. وفي غير هذا الموضع: عظم الذنب. والجران باطن العنق، وشبهه بعصا الهجين لخفته وطوله. وخص الهجين، لأن العبيد كانوا يرعون الإبل، ويستجيدون العصى. والأرطي: شجر تدبغ به الجلود. ومعنى توسد أبرديه: اتخذتهما كالوسادة. والأبردان: الظل. والفيء، سميا بذلك لبردهما. والأبردان أيضاً: الغداة والعشي. والجوازئ: الظباء وبقر الوحش سميت جوازئ لأنها تجزأ بأكل النبت الأخضر عن الماء أي تكتفي به، ويغنيها عن شرب الماء، وعين: واسعات الأعين: والمعنى أن الوحش تتخذ كناسين عن جانبي الشجر، تستتر فيهما من حر الشمس، فترقد قبل زوال الشمس في الكناس الغربي، فإذا زالت الشمس عن كبد السماء إلى ناحية المغرب، وتحول الظل، فصار فيئاً، زالت عن الكناس الغربي، ورقدت في الكناس الشرقي. فوصف الشماخ أنه قطع الفلاة في الهاجرة، حين تفر الوحش من حر الشمس إلى الظل. يمدح نفسه بالجلادة، والصبر على مشقة السفر، ويوجب على الممدوح بذلك رعاية حقه، وأن يثيبه ولا يخيب عناءه وتعبه. وأما إعرابه فإن إذا ظرف من ظروف الزمان، فيه معنى الشرط، غير أنه لا يجزم عند البصريين، ولا جواب له في هذا البيت، ولا بعده، لأن المتصل به قوله:
كأن محاز لحييها حصاة جناباً جلد أجرب ذي غضون

الصفحة 28