كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وإنما الجواب محذوف، أغنى عنه ما تقدم من قوله: (إليك بعثت راحلتي) كما تقول: أنا أشكرك إن أحسنت إلي، فلا تأتي للشرط بجواب، لأن قولك (أنا أشكرك) قد أغنى عنه، ولأجل ما ذكرناه من معنى الشرط الموجود في إذا، لا يجوز عند البصريين أن يرتفع الاسم بعدها بالابتداء، لأن الشرط يطلب الفعل: ظاهراً أو مضمراً، فلا يصح على مذهبهم أن يكون الأرطي ههنا مرفوعاً بالابتداء، ولكن يقدر له فعل يفسره ما بعده، كأنه قال: إذا توسد الأرطي توسد أبرديه.
والكوفيون يجيزون فيه الابتداء. وقوله (بالرمل) في موضع جر على الصفة لجوازئ، كأنه قال: جوازئ كائنة بالرمل، أو مستقرة، فللباء موضع، لتعلقها بمحذوف، وصفر جوازئ، ضرورة.
وذكر أبو الفرج الأصبهاني في هذا البيت حكاية مستظرفة، رأيت ذكرها في هذا الموضع.
حكى عن المدائني أن عبد الملك بن مروان نصب الموائد يطعم الناس، فجلس رجل من أهل العراق على بعض الموائد، فنظر إليه خادم، لعبد الملك فأنكره، فقال أعراقي أنت؟
قال نعم، فقال: بل أنت جاسوس. قال لا، ويحك دعني أتهنا بطعام أمير المؤمنين، ولا تنغصه على. ثم إن عبد الملك أقبل بطوف على الموائد، فوقف على تلك المائدة، فقال من القائل:
إذا الأرطي توسد أبرديه خدود جوازى بالرمل عين
وما معناه؟ ومن أجاب فيه أجزناه. فقال العراقي للخادم: أتحب أن أشرح لك ذلك؟ قال: نعم فقال: هذا البيت بقوله عدي بن زيد في صفة البطيخ الرمسي،

الصفحة 29