كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

البيت للنابغة الجعدي، من شعر يهجو به سوار بن أوفى القشيرئ والضمير في قوله (بهم): يعود إلى قوم ذكرهم قبل هذا البيت، فقال:
كفعلنا بابن حسان الرئيس وبا بن الجون إذ لا يريد الناس إقبالا
إذ أصعدت عامر لا شيء يحبسها حتى نرى دونهم هضبا وأغوالا
ومثلهم من بني عبس ندفهم دف الرحى الحب إدبارا وإقبالا
ثم استمرت شموس الريح ساكرة تزجى رباها ضعاف الوطء أطفالا
وقوله (تعدى فوارسنا) أراد تعدى فوارسنا الخيل، فحذف المفعول اختصارا لما فهم المعنى. (رعن القف): نادر يندر منه. والقف: ما ارتفع من الأرض، شبه أنفسهم في كثرة عددهم برعن قف رفعه الآل، فعظم ظله، وأراد: كأننا ظل رعن قف، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، لأنه إنما شبه أنفسهم بظل الرعن، لا بالرعن. وإنما أراد أن عددهم لكثرته قد ملأ الفضاء، كما يملأه ظل الرعن، إذا رفعه الآل.
وقد قيل إنما شبه حركتهم في عددهم بحركة القف في الآل، لأن الجبال في ذلك الوقت تخيل إلى الناظر أنها تضطرب، ولذلك قال العجاج.
كأن رعن الآل منه في الآل بين الضحا وبين قيل القيال
وإذا بدا دهانج ذو أعدال
فشبه الرعن لاضطرابه في الآل بجمل يسرع وعليه أعدال، فلا حذف في البيت
على هذا التأويل. وقال الأصمعي: إنما قال: يرفع الآل: لأنه ينزو في الآل،

الصفحة 31