كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

البيت للشماخ بن ضرار، والركاب: الإبل. والقيل: القول والقال سواء. قال الله تعالى (ومن أصدق من الله قيلا) ويروى: وقال المنادي. يصف امرأة أتعبها طول السير ليلاً ونهاراص. فمعناه: وتشكو هذه المرأة السير الذي أكل ركابها، وتشكو قول المنادي عند الصباح: قد أصبح القوم فما تنتظرون بالسير. وقوله في أول الليل: (أدلجى) أي سيري بالليل، فلا راحة لها. ومعنى شكواها بعينها أن السفر لما طال عليها غارت عيناها، وانكسر طرفها، وصار النعاس يغالبها على ظهر المطية، فجعل ذلك كالشكوى، لأنه دليل على ما تكابده وتقاسيه ويروى (ما أكلت) فمن ذكر الضمير، أراد السير الذي أكل بها. ومن أنت أراد الحال التي أكلت ركابها، أو المشقة. وجاز ذلك، لأن (ما) تقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد، وإنما يعلم مكانها من التذكير والتأنيث بضميرها العائد إليها، أو بغيره مما يدل عليه فحوى الكلام.
وقد قال بعض أصحاب المعاني إنه يصف ناقة، وذلك غلط، والدليل على أنه يصف امرأة قوله قبل هذا البيت:
ألا أدلجت ليلاك من غير مدلج هوى نفسها إذ إدلجت لم تعرج
وكيف أرجيها وقد حال دونها بنو الهون من جسر ورهط ابن حندج
تحل الشجا أو تجعل الرمل دونه وأهلي بأطراف اللوي فالموتج

الصفحة 35