كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء
حتى انتهى إلى قوله:
هجوت محمداً وأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جزاؤك على الله الجنة يا حسان، فلما انتهى إلى قوله:
فإن أبى ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقاك الله يا حسان النار، فلما قال:
أتهجوه ولست له بند فشر كما لخير كما الفداء
قال من حضر: هذا أنصف بيت قالته العرب. وقوله: هجوت محمدا وأجبت عنه: كذا الرواية، وفيه شاهد على أن المعطوف بالواو قد يكون مرتباً يعد ما عطف عليه، لا ينوى به التقديم والتأخير إذا كان في الكلام دليل على الترتيب. فإن لم يكن في الكلام دليل على الترتيب، جاز أن يكون كل واحد من الاسمين هو المبدوء به، ومثل هذا قوله تعالى: (إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها) فإخراج الأرض أثقالها إنما هو بعد الزلزلة. والعامل في (عند) الاستقرار، فمن رفع الجزاء بالابتداء، وجعل (عند) متضمناً لخبره، فلعند موضع من الإعراب. ومن جعل الجزاء مرفوعاً بالاستقرار، وهو مذهب الأخفش، فلا موضع لعند. واللام في قوله لعرض محمد في موضع نصب على الحال، من الوقاء، وهي حال لنكرة تقدمت عليها، لأنه لو قال: وقاء لعرض محمد،

الصفحة 37