كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

لكان المجرور في موضع الصفة لوقاء، فلما تقدم صار في موضع نصب على الحال. وأما قوله (منكم وقاء) فالمعنى: وقاء منكم، كما تقول: وقيته بنفسي من المكروه، فحكم من أن تكون متعلقة بوقاء، ولكن لا يجوز أن تجعلها متعلقة به وقد قدمتها عليه، لأنك تقدم صلة المصدر عليه، ولكن تعلقها بفعل دل عليه وقاء، كأنه قال: يقونه منكم، والتقدير: ذو وقاء. فحذف المضاف. ويجوز أن يكون الأب والوالد والعرض الوقاء بعينه، مبالغة في المعنى، كما تقول للرجل ما أنت إلا مخلوق من الكرم: إذا كثر ذلك منه، ومثله قوله تعالى: (خلق الإنسان من عجل) ويجوز أن تجعل المصدر نائباً مناب اسم الفاعل، كأنه قال: لعرض محمد منكم وأقون، كما نقول: رجل عدل، وأنت تريد عادل. وقوله (في ذاك الجزاء) معناه: على ذاك، لأنك إنما تقول جازيته على كذا، ولا تقول جازيته في كذا. فهذا مكان على، لا مكان في، وقياسه قياس ما تقدم.
وأنشد ابن قتيبة:
(18)
(إذا ما انتحاهن شؤوبوبه رأيت لجاعرتيه غضونا)
البيت: لكعب: بن زهير بن أبي سلمى. ومعنى انتحاهن: اعتمدهن. وشؤبوبه: شدة دفعه في السير. والجاعرتان: موضع الرقمتين من مؤخر الحمار.

الصفحة 38