كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وحقيقة ما ذهب إليه أن الشاعر لم يرد أن لها ثماني جواعر على الحقيقة، لأن الجواعر إنما هي أربع، وإنما أراد أن عجزها واسع عظيم، يحتمل لسعته أن يكون فيه ثمان جواعر. والعرب تخرج الشيء الممكن مخرج الشيء الذي قد وجب ووجد، فيقولون جاءنا بحفنة يقعد فيها ثلاثة رجال. وليس المراد أنه جاء بالجفنة وفيها ثلاثة رجال. وإنما المراد أنها تحتمل ذلك لعظمها، ومثله قول عوف ابن عطية:
لها حافر مثل قعب الوليد يتخذ الفأر فيه مغارا
أي: لو اتخذه فيه لأمكنه ذلك. وقوله (فويق زماعها) الزماع جمع زمعة، وهي شعرات مجتمعات خلف ظلف الشاة ونحوها شبيهة بالزيتونة، والوشم: خطوط تخالف معظم اللون والحجول: جمع حجل وهو البياض. ويجوز أن يكون جمع حجل، وأصله القيد، ثم يقال للخلخال حجل، تشبيهاً به، قال جرير في الحجل الذي يراد به القيد:
ولما اتقى القين العراقي باسته فزعت إلى العبد المقيد في الحجل
وقال النابغة الذبياني في الحجل، الذي هو الخلخال:
على أن حجليها وإن قلت أوسعا صموتان من ملء وقلة منطق

الصفحة 41