كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

نضج ما في القدر، إذا هم بأمر له فيه شرف، بل يتركها ويمضي لما يريده. وقوله (ولا يعض على شرسوفه الصفر) الشرسوف: طرف الضلع، والصفر حية تتخلق في البطن، وتعض على شراسيف الأضلاع إذا جاع الإنسان، ولم يرد أن يثبت أن في جوفه صفرا لا يعض على شراسيفه، وإنما أراد أنه لا صفر في جوفه، فيعض على شراسيفه. يصفه بشدة الخلق وصحة البنية. وهذا كقوله تعالى: (لا يسألون الناس إلحافا) أي لا يكون منهم سؤال فيكون إلحاف، ولم يرد أن يثبت أن لهم سؤالا لا إلحاف فيه، ومثله قول امرئ القيس:
على لا حب لا يهتدى بمناره إذا سافه العود النباطي جرجرا
أي ليس فيه منار، فتكون فيه هداية. وحروف الجر المذكورة في هذا البيت: لا موضع لها لتعلق كل واحد منهما بالظاهر، أو ما هو في حكم الظاهر. فاللام متعلقة بيتأرى، وعلى متعلقة ببعض، وفي متعلقة بالاستقرار المضمن في الصلة، وهو في حكم الملفوظ به. وقوله: (يرقبه): جملة موضعها نصب على الحال من الضمير في يتأرى، وهي على هذا التقدير حال جارية على من هي له. ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال من (ما) وهي على هذا حال جارية على غير من هي له. وإنما جاز أن تكون حالاً منهما معاً، لأن فيها ضميراً عائداً على كل واحد منهما وجاز أن يستتر الضمير، وإن كانت قد جرت حالا على غير من هي

الصفحة 46