كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

ففدت الشيوخ وأشياعهم وذلك من بعض أقواليه
ترى زوجة الشيخ مغمومة وتمسى بصحبته قاليه
في أبيات غير هذين، فطلقها الحارث، وتزوجها روح بن زنباع، فهجته بهذا الشعر الذي أنشده ابن قتيبة، وقالت فيه أيضاً:
بكى الخز من روح وأنكر جلده وعجت عجيجا من جذام المطارف
وقال العباء نحن كنا ثيابهم وأكسية مضروجة وقطائف
فطلقها روح وقال: ساق الله إليك شابا يسكر ويقي في حجرك. فتزوجها الفيض ابن أبي عقيل الثقفي، وكان فتى شابا مولعا بالشراب، فسكر وقاء في حجرها، فقالت: أجيبت في دعوة روح. ثم هجت الفيض فقالت:
سميت فيضا ولا شيء تفيض به إلا بسلحك بين الباب والدار
فتلك دعوة روح الخير أعرفها سقى الإله صداه الأوطف الساري
ثم نرجع إلى تفسير معنى البيتين الأولين. فقولها: (وهل هند إلا مهرة): مثل ضربته. وذلك أنها كانت أنصارية، وكان روح بن زنباع جذامياً، والأنصار أشرف من جذام، فقالت إنما مثلى ومثل روح: مهرة عربية عتيقة علاها بغل، فإن ولدت مهرا كريماً فما أحراها وأحقها بذلك، لكرمها وعتقها، وإن كان مهرها خسيساً، فإنما جاءت الخساسة من قبل الأب، لا من قبلها، وقولها (فبالحرى) يحتمل وجهين من التأويل: أحدهما أن يكون من قولهم هو حرى بكذا: أي حقيق به، أي فبالحقيقة أن يكون مهرها كريماً: والثاني:

الصفحة 50