كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

أن يريد فبالجهد والمشقة، أي لا يتخلص لها ولد كريم إلا بعد جهد، لخساسة الأب الغالبة عليه، فيكون بمنزلة قول الأعشى:
إن من عضت الكلاب عصاه ثم أثرى فبالحرى أن يجودا
أي أنه لا يجود إلا بعد جهد، لأنه قد جرب الأيام، وقاسى الفقر، وعلم قدر المال. والباء في قولها (فبالحرى): متعلقة بمحذوف، لأنها نابت مناب خبر مبتدأ مقدر، كأنها قالت: فبالحرى أن يكون ذلك، فأن يكون مبتدأ، وبالحرى: في موضع الخبر وكذلك (من) في رواية من روى (فمن قبل الفحل) لأن التقدير فذلك من قبل الفحل. فمن متعلقه بالخبر المقدر، كأنها قالت: فذاك كائن من قبل الفحل، أو واقع، أو نحو ذلك.
وأنشد. عن أبي زيد:
(26)
(وكيف بأطرافي إذا ما شتمتني وما بعد شتم الوالدين صلوح)
يريد بأطرافه: أجداده من قبل أبيه وأمه. والصلوح والصلاح والصلح: سواء، والباء في قوله بأطرافي يحتمل تأويلين: أحدهما أن تكون زائدة كزيادتها في قوله (كفى بالله شهيدا) وقولهم: بحسبك قول السوء. فتكون الأطراف في

الصفحة 51