كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

موضع رفع بالابتداء، وكيف: متضمنة للخبر معموله له على مذهب سيبويه، أو في موضع رفع بالاستقرار على مذهب الأخفش. فإذا جعلت الأطراف مرفوعة بالابتداء، فموضع كيف رفع، فإذا جعلتها مرفوعة بالاستقرار، فموضع (كيف) نصب، والعامل في (كيف) في الوجهين: الاستقرار والتأويل. الثاني: أن تكون الباء غير زائدة، ويكون التقدير: وكيف أصالحك بأطرافي، وحذف ذكر المصالحة لدلالة الصلوح المذكور في آخر البيت عليه، فالباء على هذا متعلقة بالفعل المقدر، وهو العامل في كيف، ويكون في الكلام على هذا مجازان. أحدهما: حذف الفعل. والثاني: حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، لأن التقدير: كيف أصالحك بشتم أطرافي: وكان الأخفش يقدر (كيف) تقدير الظروف، وكان سيبويه يقدرها تقدير الأسماء:
والدليل على صحة قول سيبويه: أنك تفسرها بالأسماء، كقولك كيف زيد أصحيح أم سقيم؟ وتجيب عنها بالأسماء. فإذا قال قائل كيف زيد؟ قلت: صالح. ولو كانت ظرفا لم يجز أن تفسر، ولا يجاب عنها إلا بالظروف.
وحجة الأخفش أنها تقدر تقدير الجار والمجرور، وذاك أنك إذا قلت: كيف زيد؟ فمعناه على أي حال هو؟ والحروف للظروف وما يجرى مجراها. وليس في هذا دليل قاطع، لأننا قد نقدر حرف الجر فيما لا خلاف فيه أنه اسم. ألا ترى أن كل مضاف إليه تقدر فيه اللام أو من، إلا أن تكون إضافته غير صحيحة

الصفحة 52