كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

هذا الرجز لأبي محمد الفقعسي أنشده أبو عمرو الشيباني وابن الأعرابي: وبعده:
مثل الصفوف لاقت الصفوفا وأنت لا تغنين عني فوقا
يصف إبلا اصطفت حول الحوض لتشرب الماء، بعضها من هذا الجانب، وبعضها من هذا الجانب، فشبهها بخيل اصطفت بحذاء خيل غيرها للقتال، وقوله: عكوفا، أي ملازمة للحوض لا تفارقة، لشدة عطشها، وهذا نحو قول الآخر:
حرقها حمض بلا دفل وغنم نجم غير مستقل
فما تكاد نيبها تولى
أي ما تكاد تولى عن الحوض، لشدة حاجتها إلى الماء. وقوله: (لا تغنين عني فوفا) الفوف: جمع فوفة، وهي القشرة التي تكون على النواة. والفوف، أيضاً: البياض التي يكون في الظفر. يخاطب زوجه، ويعنفها على امتناعها عن معونته على سقى إبله، يقول: نالني الجهد والنصب في سقيها، ولم تغن عني من التعب قدر فوف، وكانوا يستعينون بنسائهم على سقي الإبل، ولذلك قال الراجز:
قد علمت إن لم أجد معينا ... لأخلطن بالخلوق طينا

الصفحة 56