كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

يقول: قد علمت أني إن لم أجد من يعينني على سقي إبلي، فإني أستعين بها، فيختلط الطين بخلوقها. وفي انتصاب (عكوف) ثلاثة أوجه من الإعراب: أحدها: أن يكون مصدرا محضاً، محمولاً على معنى الفعل الذي قبله، لأنه إذا قال: (تبياً حوضها) فقد ناب مناب قوله (تعكف)، عليه، فيكون نحواً من قولهم: قعد زيد جلوسا، وتبسمت وميض البرق. والثاني: أن يكون مصدراً وقع موقع الحال، كأنه قال: قد تبياً حوضها عاكفة، فيكون من باب جئته ركضاً، أي راكضاً. والثالث: أن تجعل عكوفا جمع عاكف، ولا تجعله مصدراً، فيكون حالاً محضة.
وأنشد ابن قتيبة:
(منا يزيد وأبو محيأة وعسعس نعم الفتى تبيأه)
وعسعس ههنا اسم رجل. يقول: هو نعم الفتى إذا قصدته. وقوله (نعم الفتى): جملة سدت مسد خبر المبتدأ، وهي عارية من ضمير يرجع إليه، وحكم كل جملة سدت مسد خبر المبتدأ أن يكون فيها ضمير يعود إليه، ففي هذا ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الغرض في ذكر الضمير: أن يربط الخبر بالمخبر عنه، فلما كان (الفتى) اسماً يراد به جميع النوع، وكان عسعس بعض الفتيان، ارتبط

الصفحة 57