كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

وهذا التأويل فيه بعد، لأن تقليم الحوافر ليس من عمل البيطار، ويمكن أن تكون الميم بدلاً من الباء، كما قالوا: ما هذا بضربة لازب، ولازم، وأرض الدابة قوائمها. وزعم بعض اللغويين أنها تكتب بالظاء، والصحيح أنها تكتب بالضاد، لأنها مشتبهة بالأرض التي توطأ، ويدل على ذلك قول الشاعر:
وأحمر كالديباج أما سماؤه فرياً وأما أرضه فمحول
فتسميته أعلاه سماء، ووصفه أرضه بالمحل، دليل على غلط من قال القول الأول. والعرب تجعل أعلى كل شيء سماء، وأسفله أرضاً، على التمثيل والاستعارة، والحبار والحبر: الأثر. والاصطرار: ضيق في الحافر. وقد ذكرنا فيما تقدم أن الرحح نوعان: محمود ومذموم، وأن المحمود منه ما كان سعة مع تقعب، والمذموم ما كان سعة ليس معها تقعب، وهذه هي الفرشخة التي نفاها الراجز عن الحافر بقوله- ليس بمصطر ولا فرشاخ.
وأنشد ابن قتيبة:
(33)
(قد أركب الالة بعد الآلة وأترك العاجز بالجدالة)
والآلة: الحالة. يمدح نفسه بالجلد في السفر، والدؤوب على السير، إذا عجز صاحبه عن المشي، وسقط إلى الجدالة من الإعياء. والجدالة: الأرض. وبعد هذين البيتين:

الصفحة 64