كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب (اسم الجزء: 3)

الشيء من حال إلى حال، فيسمى الشيء باسم ما هو سبب له، فمنه ما يسمى بالسبب الأقرب، ومنه ما يسمى بالسبب الأبعد. فما سمي بالسبب الأقرب قولهم للقوة طرق، لأنها تكون على الطرق، وهو الشحم، ومما سمي بالسبب الأبعد قوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} ولم ينزل الله تعالى اللباس بعينه، وإنما أنزل المطر، فأنبت النبات، ثم رعته البهائم فصار صوفاً وشعراً عليها، ثم غزل الصوف، ونسج الشعر، فاتخذ منها اللباس. فالمطر: سبب للباس، ولكنه سبب بعيد منه، لأن بينه وبين اللباس مراتب كثيرة، ونحو قول الراجز:
الحمد لله العزيز المنان صار الثريد في رؤوس العيدان
يعني: السنبل، وبينه وبين الثريد مراتب كثيرة، والكاف في قوله (كثور العداب): يجوز أن يكون في موضع رفع على ضمير مبتدأ مضمر كأنه قال: هي كثور العداب. ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من القصواء، أو من ضميرها. وقوله (يضربه الندى) وقوله: (تعلى الندى): جملتان في موضع نصب على الحال من الثور، والعامل فيهما معنى التشبيه.

الصفحة 82