كتاب عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 1)

طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلاّ سويته)) (¬1).

تاسعاً: شدّ الرّحال إلى غير المساجد الثلاثة: وكما سدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كل باب يوصّل إلى الشرك فقد حمى التوحيد عما يقرب منه ويخالطه من الشرك وأسبابه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشدّوا الرّحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى)) (¬2).
فدخل في هذا النهي شدّ الرحال لزيارة القبور والمشاهد، وهو الذي فهمه الصحابة - رضي الله عنهم - من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا عندما ذهب أبو هريرة - رضي الله عنه - إلى الطور، فلقيه بصرة بن أبي بصرة الغفاري: فقال: من أين جئت؟ قال: من الطور. فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت إليه، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تُعمل المطيّ إلاّ إلى ثلاثة مساجد ... )) (¬3).
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وقد اتفق الأئمة على أنه لو نذر أن يسافر إلى قبره - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الأنبياء والصالحين لم يكن عليه أن يوفي بنذره، بل يُنهى عن ذلك)) (¬4).

عاشراً: الزيارة البدعية للقبور من وسائل الشرك؛ لأن زيارة القبور
¬__________
(¬1) مسلم، كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر، 2/ 666، برقم 969.
(¬2) البخاري مع الفتح، كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، 3/ 63، ومسلم بلفظه، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، 2/ 976، برقم 827.
(¬3) النسائي، كتاب الجمعة، باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، 3/ 114، ومالك في الموطأ، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، 1/ 109، وأحمد في المسند، 6/ 7، 397، وانظر: فتح المجيد، ص289، وصحيح النسائي، 1/ 309.
(¬4) انظر: فتاوى ابن تيمية، 1/ 234.

الصفحة 560