كتاب عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 2)

ويخرجه إلى السخط والجزع؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله تعالى: إذا ابتليت عبدي المؤمن ولم يشكني إلى عوّاده أطلقته من إساري، ثم أبدلته لحمًا خيرًا من لحمه، ودمًا خيرًا من دمه، ثم يستأنف العمل)) (¬1).
ولله دَرُّ الشاعر الحكيم حيث قال:
وإذا عرتك بليّةٌ فاصبر لها ... صبر الكريم فإنه بك أعلمُ
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ... تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم (¬2)

الشرط الثالث: أن يكون الصبر في أوانه، ولا يكون بعد انتهاء زمانه؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة تبكي عند قبر فقال: ((اتّقِ الله واصبري)) [فقالت]: إليك عنِّي فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي، فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) (¬3). أي الصبر الكامل الذي يترتّب عليه الأجر الجزيل؛ لكثرة المشقة فيه، وأصل الصدم الضرب في شيء صلب، ثم استعمل مجازًا في كل مكروه حصل بغتة (¬4).
¬__________
(¬1) الحاكم في المستدرك، 1/ 349 وقال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي.
(¬2) الفوائد لابن القيم، ص165، وانظر: الصبر الجميل، لسليم الهلالي، ص28.
(¬3) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، برقم 1283، ومسلم، كتاب الجنائز، باب في الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى، برقم 15 (926).
(¬4) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 481.

الصفحة 912