كتاب عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 2)

13 - ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - السوق يومًا فمرَّ بجدي صغير الأذنين ميت، فأخذه بأذنه ثم قال: ((أيكم يحب أن هذا له بدرهم))؟ قالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: ((أتحبون أنه لكم))؟ قالوا: والله لو كان حيًّا كان عيبًا فيه؛ لأنه أسكٌّ (¬1)، فكيف وهو ميت؟ فقال: ((فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم)) (¬2).
14 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء)) (¬3).
والدنيا مذمومة إذا لم تستخدم في طاعة الله - عز وجل -:
15 - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ألا إن الدنيا ملعونةٌ، ملعون ما فيها إلا ذكرُ الله، وما والاهُ، وعالمٌ، أو متعلم)) (¬4)، وهذا يؤكد أن الدنيا مذمومة، مبغوضة من الله وما فيها، مبعدة من رحمة الله إلا ما كان طاعة لله - عز وجل -؛ ولهوانها على الله - عز وجل - لم يبلِّغ رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها وهو أحب الخلق إليه.
16 - فقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعًا من شعير (¬5).
¬__________
(¬1) الأسك: مصطلم الأذنين مقطوعهما.
(¬2) مسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2957.
(¬3) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، برقم 4110، والترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في هوان الدنيا على الله - عز وجل -، وقال: ((هذا حديث صحيح))، برقم 2320، وابن المبارك في الزهد والرقائق، عن رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 470، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 943، وفي صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3240.
(¬4) الترمذي، بلفظه، كتاب الزهد، بابٌ: حدثنا محمد بن حاتم، برقم 2322،وحسنه، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، برقم 4112،وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، برقم 3244.
(¬5) انظر: البخاري، كتاب البيوع، باب شراء الطعام إلى أجل، برقم 2200، ومسلم، كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر، برقم 1603.

الصفحة 927