كتاب عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة (اسم الجزء: 2)

وقوله: ((وما والاه)) أي ما يحبه الله من أعمال البر، وأفعال القُرَب، وهذا يحتوي على جميع الخيرات، والفاضلات، ومستحسنات الشرع، وقوله: ((وعالم أو متعلم)) العالم والمتعلم: العلماء بالله، الجامعون بين العلم والعمل، فيخرج منه الجهلاء، والعالم الذي لم يعمل بعلمه، ومن يعلم علم الفضول، وما لا يتعلق بالدين. والرفع في ((عالم أو متعلم)) على التأويل: كأنه قيل: الدنيا مذمومة لا يحمدُ مما فيها ((إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم)) (¬1)،فإذا رأى العاقل من ينافسه في الدنيا فعليه أن ينصحه ويحذّره وينافسه في الآخرة (¬2).
17 - وفي قصة أبي عبيدة - رضي الله عنه - عندما قدم بمال من البحرين فجاءت الأنصار وحضروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح، فلمَّا صلى بهم الفجر، تعرَّضوا له، فتبسَّم حين رآهم وقال: ((أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء))؟ قالوا: أجل يا رسول الله، قال: ((فأبشروا، وأمِّلوا
ما يسركم، فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))، وفي رواية: ((وتلهيكم كما ألهتهم)) (¬3).
¬__________
(¬1) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 10/ 3284 - 3285، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري، 9/ 31، وتحفة الأحوذي للمباركفوري، 6/ 613.
(¬2) فقه الدعوة للمؤلف، 2/ 1007.
(¬3) متفق عليه: البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، برقم 3158، 4015، 6425، ومسلم، كتاب الزهد والرقائق، برقم 2961.

الصفحة 928