كتاب نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق
الماء والماء في طست فكذلك الأرض نصفها مغرق في البحر والبحر يحيط به الهواء والهواء دافع لهما أو جاذب كالذي قلناه قبل هذا.
وهذا الربع المسكون من الأرض قسمته العلماء سبعة أقاليم كل إقليم منها مار من المغرب إلى المشرق على خط الاستواء وليست هذه الأقاليم بخطوط طبيعية لكنها خطوط وهمية محدودة موجودة بالعلم النجومي وفي كل إقليم منها عدة مدن وحصون وقرى وأمم لا يشبه بعضهم بعضا وأيضا فإن في كل إقليم منها جبالا شامخة ووهادا متصلة وعيونا وأنهارا جارية وبركا راكدة ومعادن ونباتات وحيوانات مختلفة وسنذكر أكثر ذلك فيما يأتى ذكره بعد بعون الله وتأييده.
وتخترق هذه الأقاليم السبعة سبعة أبحر تسمى خلجانا ستة منها متصلة وبحر واحد منفصل لا يتصل بشيء من البحور المذكورة وأحد هذه البحور التي في الأرض المعمورة هو بحر الصين والهند والسند واليمن ومبدؤه من جهة المشرق فوق خط الاستواء بثلاث عشرة درجة ممتد مع خط الاستواء إلى جهة المغرب فيمر بالصين أوّلا ثم بالهند ثم بالسند ثم باليمن على جنوبها وينتهي إلى باب المندب وهناك مبلغ طوله وطوله على هذه المسافات فيما حكاه الثقات المسافرون والبحريون الخائضون فيه المقلعون من بلد إلى بلد من مبدأ بحر القلزم إلى الواق واق أربعة آلاف فرسخ وخمس مائة فرسخ وفيه من الجزائر نحو ثلاث مائة جزيرة بين عامرة وخالية وسنذكر منها بعد هذا ما اتصل بنا علمه وصحت الأخبار عنه.
ويتشعب من هذا البحر الصيني الخليج الأخضر وهو بحر فارس والأبلة وممره من الجنوب إلى الشمال مغربا قليلا فيمر بغربي بلاد السند ومكران وكرمان وفارس
الصفحة 9
1112