كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد

أو قاض أو وارث غائب أو حاضر تغيير هذا الوقف بعدما تقرر من نسقه المسطور المقرر ومن تعرض لتحويله وتغييره وسعى في إبطاله بتزويره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ومأواه جهنم فيسقى فيها من حميم وغسلين. وهكذا كل وقفية يصرح الواقف باللعن على من غير وبدل وأكل الريع واستأكل، أترى هل أفاد ما شرطه وما هدد به من عذاب الله ولعنته وما ذكر عن نصوص كتاب الله وموعظته؟ كلا فقد أكلت الأوقاف وتسلط عليها من لا يراقب الله ولا يخاف وتهدمت بالفعل أكثر المدارس وأضحى أكثر المساجد كالشبح الدارس.
هذه مدارس "الصالحية" يندهش المار بها حينما يراها صارت بساتين وبيوتًا وما بقي منها فرسم شاخص وهذه ثلة من مساجد البلدة لا وقف عليها دار، ولا ناظر بها بار حقًّا إن هذا لمصاب وأي مصاب وإنه ممن يدعي الإيمان لعجب عجاب. أين تقوى الله أين الخوف من العرض أين الوجل من الفزع الأكبر أين الغيرة على الحقوق أين السعي وراء تنمية الموقوفات وإصلاح المرمات. وا أسفاه وإنا لله ما الحيلة لا يرد الفائت النحيب ولا يعيد الحياة حذق الطبيب بيد أن للأمل مجالًا في تراجع الأنفس عن غيها ونشر الواجبات بعد طيها.
واجبات النظار في نظارتهم وآدابهم المطلوبة من قبلهم واجبات كثيرة وآداب غزيرة لأجلها كانت تخفق قلوب الأخيار عن أن يعد أحدهم في مصاف النظار أذكر لك نبذة منها وقس ما شابهها عليها:
على ناظر المسجد أن يكون همه إصلاح المسجد وتعميره وتثمير أوقافه وتنميتها بما تصل إليه يد الإمكان وأن يكون غيورًا على انتهاك شيء من موقوفاته كما يغار التقي على انتهاك حدود الله وحرماته وأن يكون أمينًا على دخله فلا يخلطه بماله ولا يتساهل في بارة من ريعه. إذا دعت كثرة ريعه إلى جاب يجبي له المال فيختر أمينًا مستقيمًا مجدًا في السعي وليراقبه في عمله كيلا يقر على زلله وخلله، أو إلى كاتب فلينظر إلى كتب ماهر بالكتابة والحساب يكتب القليل والكثير ويحسب الدخل والخرج بغاية التدقيق.

الصفحة 187