كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد

قوّامه على ذلك وودت أن تتأسى به بقية الجوامع.
لا أذكر هنا ما حكاه الباجوري في حواشيه على شرح الغاية عن الشافعية من تحريم التفريج على المحمل أو كسوة مقام إبراهيم ثم نقله عن البلقيني جوازه لأن مثل هذا مبني على قاعدة لهم أن ما حرم استعماله لا يجوز النظر إليه لئلا يكون كالإقرار عليه، وزعم البلقيني أن هذا صار من شعار الإسلام فلا يتناوله حكم التحريم.
ولا يخفى أن التحريم لشيء إنما منشؤه ما يتكون عنه من المحذورات ولو في تربيته لملكة فاسدة أو تنميته لبذور الفساد في النفس أو الغير. وبنسبة قوة ذلك وضعفه يتنزل حكم التحريم أو الكراهة. فليتخذ المرء هذا قاعدة ولينظر. وقد قال ابن تيمية رحمه الله إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملًا على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته بل يقطع أن الشارع يحرمه لا سيما إذا كان طريقه مفضيًا إلى ما يبغضه الله ورسوله.
26- بسط بعض المصلين سجادته فوق سجادات المسجد:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن يبسط سجادة في الجامع ويصلي عليها هل ما فعلة بدعة أم لا. فأجاب بأن الصلاة على السجادة بحيث يتحرى المصلى ذلك فلم تكن هذه سنة السلف من المهاجرين والأنصار ومن بعدهم من التابعين لهم بإحسان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كانوا يصلون في مسجده على الأرض وفي شدة الحر يبسط أحدهم ثوبه فيسجد عليه. وكان عليه الصلاة والسلام يصلي على الحمرة1 وهي نسج ينسج من خوص
__________
1 حديث صحيح، مخرج في "صحيح أبي داود" "663"، وأخرجه ابن خزيمة أيضًا "1: 110: 2" وابن حبان "354-356".

الصفحة 243