كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد

الماء تغير جوهره تغيرًا يحظر الأطباء استعماله وذلك لأن مسألة الجراثيم والميكروبات التي مقيلها الأفواه أصبحت من الضروريات التي إنكارها كإنكار الشمس طالعة، فالواجب على خدمة المساجد متى انقطع ماء بحراتها أن يغوروها أو أن نظار المساجد يجعلون للبحرة غطاء ويعمرون لها أنابيب مثل بحرة بيت المقدس فهناك لا بأس من أن تستعمل، بل هكذا ينبغي ولو كان الماء جاريا إذ نرى الماء مع جريانه إذا كثرت عليه الأيدي يعوم على وجهه من آثار النخاعات ووسخ الأرجل ما يظهر لكل ناظر.
28- تحجير بعض السقايات المسبلة بشباك حديد:
اللهم إنا نعوذ بك أن نكون من الجاهلين. رحماك اللهم مما يفعل الجهل بأهله وما يؤثر عمى البصيرة في ذويه وما يجلبه استبداد الجاهل من الآفات لا يستطيع القلم وصفه ولا اللسان التعبير عن بعضه يكاد يندهش العقل ويتفطر القلب من أعمال يستبد بها الجهلة مما لا ينطبق على عقل ولا ذوق. يعلم كل أحد ما لحسنات السلف الأقدمين من شق الأنهار وحفر الآبار وإجراء القنايات وتسبيل السقايات في كل صقع وقطر سيما في دمشق فإن سقاياتها العامة في شوارعها وحاراتها وعلى أبواب مساجدها لا يأخذها الحصر. هذه السقايات "وهي البحرات في لغة العامة" سَبّلها من سَبّلها ليعم نفعها وترتفق بها المارة على طبقاتهم من حيوان وإنسان ارتفاقا لا تحجير فيه ولا تضييق على قاصديه ولم يزل أمرها جميعها على هذا السبيل الحميد حتى أخذ بعض الجاهلين الحمقى الآن يحجرون بعض هذه البحرات تحجيرًا غريبًا اتبعوا وسوسة الشيطان وذلك أن بعض الناس تفكر في أن بعض هذه البحرات في الشوارع قد تدنسها جيرانها القذرة مهنهم كلحام وسمان وحمصاني وذلك بغسل أوانيهم داخلها مما يكدر ماءها فآل به التفكر إلى أن تآمر مع جيرانه في التعاون على وضع شباك حديدي

الصفحة 246