كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد

المجموع يعود على الجميع وقد يضطر أهل الميت في مثل آخر ثلاث من وفاته لكثرة عددهم على باب داره ومجيئهم من العصر أن يستأجر من جنود الحكومة وشرطها ثلاثة أو أكثر أو أقل ليقفوا على الباب لرد هجماتهم ودفع غاراتهم وما راء كمن سمعا ونوادرهم في ذلك معروفة الشاميين وحسبنا الله.
"ثالثها": في مسألة إسقاط الصلاة بالكيفية المعروفة قال متأخروا فقهاء الحنفية إسقاط الصلاة وإن كان لا أصل له في كتاب ولا سنة فهو أمر احتياطي باستحسان المشايخ كما إذا تطوع به الوارث في الصوم قالوا والواجب فيها أن يعطى للفقير عن كل فرض نصف صاع أي أو قيمته. ا. هـ. أقول وحينئذ فيحسب مقدار ما فرط فيه من عمره من الصلوات احتياطًا ويخرج عن كل ما تركه إن كان من أهل الثروة والسماحة وإن لم يقدر على ذلك فليخرج عما يمكنه1، وأما الإيهاب مرارًا بين الولي أو وكيله والفقير فلا حاجة إليه ولا معنى فإن القصد إيتاء الفقراء ما تيسر من الحنطة أو الدراهم كفارة ولا يكلف المرء إلا مستطاعه فما لا يستطيعه لا يكلف أن يحتال عليه سيما في أمر غير منصوص عليه وأمره على رجاء، كما يحكى عن الإمام محمد أنه قال: تجزئه إن شاء فعلق القبول على المشيئة. وبالجملة فالذي أراه أن قياسها على الصوم لا يقل عن قياس كثير من الأمور التي قاس عليها الفقهاء فكما أن للصوم فدية فكذلك لا مانع أن يقدى ويكفر عن المتروك من الصلاة سيما وفي ذلك مواساة للفقراء وهو المقصود بالذات فيكفي الولي أن يجمع من الفقراء ما شاء ويعطيهم صاعًا أو قيمته أو أكثر وينوي بقلبه ذلك كما في الزكاة، فإنهم قالوا إنه يعطيها للفقير وينوي بقلبه أداء ما فرض عليه. وأما هذه الحالة المعروفة من إدارة الصرة مرارًا والجهر للفقير من الولي أو وكيله بقوله: خذ هذه كفارة صلاة ففيها إخلال بأصول الأداء للزكوات والكفارات؛ إذ المطلوب الستر على الفقير وإيتاؤه سرًّا لا جهرًا وعدم تأليم خاطره وجرح عواطفه. وهذا الذي أراه
__________
1 انظر التعليق على الصفحة " " "ناصر الدين".

الصفحة 249