كتاب أحكام الجنائز (اسم الجزء: 1)

فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)} [المائدة: 106 - 108]
9 - وأما الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون من الموصي، فلا تجوز، لأنها منسوخة بآية الميراث، وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث " (1) أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي (6/ 264) وأشار لتقويته، وقد أصاب، فإن إسناده حسن، وله شواهد كثيرة عند البيهقي و " مجمع الزوائد " (4/ 212 ".
10 - ويحرم الاضرار في الوصية، كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الارث، أو يفضل بعضهم على بعض فيه، لقوله تبارك وتعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون ... مما قل أو كثر نصيبا مفروضا .. ) (6 - 12) وفي الاخيرة منها: (من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار، وصية من الله، والله عليم حليم).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر، من ضار ضاره الله، ومن شاقه الله ".
أخرجه الدارقطني (522) والحاكم (2/ 57 - 58) عن أبي سعيد الخدري، ووافق الذهبي الحاكم: على قوله " صحيح على شرط مسلم " والحق أنه حديث حسن كما قال النووي في " الاربعين " وابن تيمية في " الفتاوى " (3/ 262) لطرقه وشواهده الكثيرة، وقد ذكرها الحافظ ابن رجب في " شرح الاربعين " (ص 219، 220) ثم خرجتها في " إرواء الغليل " رقم 888)
__________
(1) فالناسخ إنما هو القرآن، والسنة إنما هي مبينة لذلك كما ذكرنا، وكما هو واضح من خطبته صلى الله عليه وسلم خلافا لما يظنه كثيرون أن الحديث هو الناسخ، ثم استغل ذلك بعض المعاصرين فزعموا أن حديث الاحاد ينسخ القرآن فقد عرفت الجواب، وهو أن الناسخ إنما هو القرآن، ولو سلمنا أن الناسخ إنما هو الحديث، فهو صالح للنسخ اتفاقا، لان العلماء جميعا تلقوه بالقبول.
على أنه حديث متواتر، كما يعلم ذلك من وقف على
طرقه الكثيرة المبثوثة في دواوين السنة ومسانيدها.
ولعلنا نوفق لا ستخراجها وتحقيق الكلام عليها في جزء مفرد.
ثم جمعت طرقه وخرجتها في " إرواء الغليل " رقم (16) فجاوزت طرقه العشرة، عن ثمانية من الصحابة بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها منجبر الضعف.

الصفحة 7