كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 1)
الْبَابُ الثَّالِثُ: بَابُ بَيَانِ حَقِيقَةِ النَّسْخِ
النَّسْخُ فِي اللُّغَةِ عَلَى معنيين:
أحدهما: الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ إِذَا رَفَعَتْ ظِلَّ الْغَدَاةِ بِطُلُوعِهَا وَخَلَفَهُ ضَوْؤُهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} 1.
وَالثَّانِي: تَصْوِيرٌ مِثْلَ الْمَكْتُوبِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، (يَقُولُونَ) 2 نَسَخْتُ الْكِتَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 3.
وَإِذَا أُطْلِقَ النَّسْخُ فِي الشَّرِيعَةِ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الأَوَّلُ، لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحُكْمَ الَّذِي ثَبَتَ تَكْلِيفُهُ لِلْعِبَادِ إِمَّا بِإِسْقَاطِهِ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ أَوْ إِلَى بَدَلٍ.
وَقَالَ شَيْخُنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ4: الْخِطَابُ فِي التَّكْلِيفِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَمَرٌ، وَنَهْيٌ، فَالأَمْرُ اسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ، وَالنَّهْيُ اسْتِدْعَاءُ التَّرْكِ، وَاسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ يقع على ثلاثة أضرب:
__________
1 الآية (52) من سورة الحج.
2 في (هـ) يقول، بالإفراد.
3 الآية (29) من سورة الجاثية.
4 علي بن عبيد الله بن نصر السري أبو الحسن المعروف بابن الزاغوني، تتلمذ عليه ابن الجوزي وكان فقيهاً مؤرخاً من أعيان الحنابلة يتفنن في شتى العلوم، من الأصول والفروع والحديث والوعظ وصنف في ذلك كله، قال المؤلف في مشيخته: توفي يوم الأحد سابع عشر محرم سنة سبع وعشرين وخمسمائة، انظر: الذيل لابن رجب 1/ 182؛ والنجوم الزاهرة5/ 250؛ ومشيخة ابن الجوزي ص: 86 - 88؛ ومعجم المؤلفين7/ 144. ولم أعثر على كلامه من كتبه لأنها معدومة اليوم.
الصفحة 127