كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 1)

بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: بنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} قَالَ: "لَمْ تُنْسَخْ, وَلَكِنْ حَقَّ تقاته: أَنْ تُجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ. وَلا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ وَيَقُومُوا لِلَّهِ بِالْقِسْطِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَآبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ".
وَهَذَا مَذْهَبُ طَاوُسٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ1.
لأن التقوى: هو اجْتِنَابُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ وَلا أَمَرَ بِهِ إِلا وَهُوَ دَاخِلٌ تحت (الطاقة) 2 كما قال عزوجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا} 3.
فَالْآيَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ، وَالتَّقْدِيرُ: "اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ".
فَقَدْ فَهِمَ الأَوَّلُونَ مِنَ الآيَةِ تَكْلِيفَ مَا لا يُسْتَطَاعُ فَحَكَمُوا بِالنَّسْخِ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا} وإنما قوله حق تقاته، كقوله: حق جهاده، الحق ها هنا بِمَعْنَى الْحَقِيقَةِ. ثُمَّ إِنَّ هَفْوَةَ المذنب
__________
1 ذكر هذا القول عن ابن عباس وطاؤس الطبري في جامع البيان 4/ 20، وابن أبي حاتم في تفسيره المخطوط عند ذكر هذه الآية كما عزا إليه السيوطي في الدر المنثور 2/ 60. وذكره أيضاً مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص: 122، والمؤلف في زاد المسير1/ 433 عنهما.
2 في (م): الطاعة، وهو تحريف.
3 الآية (286) من سورة البقرة.

الصفحة 331