كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي داود: وبنا يعقوب بن سفيان، قال: بنا عبد الله ابن عثمان، قال: بنا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: بنا عبيد الله مولى عمر ابن مُسْلِمٍ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ أخبره، قال: {مَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ} الآية نسخت فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} 1 الآيَةُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَعْنِي النَّسْخَ، لِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُ أَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ الأَخْذُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ (عِنْدَ) 2 الْحَاجَةِ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ، وَإِنْ أُخِذَ ضُمِنَ3.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَوْ أَدْرَكَتْهُ ضَرُورَةٌ جَازَ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلا يَأْخُذُ مِنْ مال اليتيم شيئاً.
__________
1 أخرج الجصاص أيضاً في المصدر السابق عن الضحاك من طريق عيسى بن عبيد الكندي كما ذكره السيوطي في الدر المنثور 2/ 123، معزياً إلى أبي داود في ناسخه عن الضحاك.
2 في (م): عن، وهو تحريف عما أثبت.
3 ذكر الجصاص مثل هذه الآراء في المصدر السابق عن إماميه أبي حنيفة ومحمد.
قلت: مال المؤلف في زاد المسير2/ 17، إلى إحكام هذه الآية، وقد ردّ ابن العربي دعوى النسخ هنا رداً عنيفاً حيث قال: (أما من قال: إنه منسوخ فهو بعيد لا أرضاه، لأن الله تعالى يقول: {فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وهو الجائز الحسن، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} فكيف ينسخ الظلم المعروف بل هو تأكيد له في التجويز، لأنه خارج عن مغاير له، وإذا كان المباح غير المحظور لم يصح دعوى النسخ فيه). انظر أحكام القرآن 1/ 225.

الصفحة 341