كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

قَالُوا فَنُسِخَتِ الْآيَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَؤُلاءِ يُجِيزُونَ نَسْخَ الْقُرْآنِ (بِالسُّنَّةِ) 1 وَهَذَا قَوْلٌ مُطْرَحٌ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ التَّوَاتُرُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، فَأَمَّا أَنْ يُنْسَخَ الْقُرْآنُ بِأَخْبَارِ الآحَادِ فَلا يَجُوزُ ذلك وهذا مِنْ أَخْبَارِ الآحَادِ.
وَقَالَ الآخَرُونَ: السَّبِيلُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ هُوَ الآيَةُ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} 2.
وقال آخَرُونَ: بَلِ السَّبِيلُ قُرْآنٌ نَزَلَ ثُمَّ رُفِعَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ3.
وَظَاهِرُ حَدِيثِ عُبَادَةَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، (لِأَنَّهُ) 4 قَالَ: (قَدْ جَعَلَ الله لهن سبيلاً) فأخبر أن اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُنَّ السَّبِيلَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِوَحْيٍ لَمْ تَسْتَقِرَّ تِلاوَتُهُ5 وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لا يَرَى نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ6، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بِمَاذَا ثبت الرجم على قولين:
__________
1 انظر: مثلاً كلام الجصاص حيث يثبت هذا النسخ مستدلاً على نسخ القرآن بالسنة، في أحكام القرآن2/ 107، ويروي ذلك ابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (22) عن هبة الله المفسر.
2 يقول السيوطي في الدر المنثور2/ 129: أخرج آدم وأبو داود في سننه والبيهقي عن مجاهد، قال: السبيل الحد.
3 وهو اختيار مكي بن أبي طالب في ناسخه (180).
4 في (هـ): الآية، وهو تحريف.
5 ذكر المؤلف هذا الرأي في تفسيره2/ 26، ثم قال: صححه أبو يعلى.
6 تقدم الكلام عن هذا بالأدلة في مقدمة المؤلف في بَابُ ذِكْرِ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي النَّسْخِ أم لا.

الصفحة 357