كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَذَا الْحُكْمُ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ، غَيْرَ أَنَّهُ جَعَلَ ذَوِي الأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ مَوَالِي الْمُعَاقَدَةِ، فَإِذَا فَقَدَ ذَوِي الأَرْحَامِ وَرِثُوا، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّوَارُثِ بِذَلِكَ، بَلْ أُمِرُوا بِالتَّنَاصُرِ، وَهَذَا حُكْمٌ باقٍ لَمْ يُنْسَخْ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: "لا حِلْفَ فِي الْإِسْلامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ الْإِسْلامَ (لَمْ يَزِدْهُ إِلا شِدَّةً" 1 وَأَرَادَ بِذَلِكَ النُّصْرَةَ وَالْعَوْنَ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: "لا حِلْفَ فِي الْإِسْلامِ" أَنَّ الْإِسْلامَ قَدِ اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ، بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنَ التَّنَاصُرِ2 وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ يَنْصُرُونَهُمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُمْ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَبْنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَبْنَا ابْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَبْنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: بنا وكيع، قال: بنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَالَّذِينَ
__________
1 في (هـ) لم يرد الإشارة وهو غلط وتحريف، والصحيح ما أثبت عن (م).
هدا الحديث رواه مسلم، والترمذي عن جبير بن مطعم. قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث: "وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله والتناصر في الدين، والتعاون على البر والتقوى وإقامة الحق، فهذا باقٍ لم ينسخ وهذا معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هذه الأحاديث "وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لم يزده الإسلام إلا شدة" وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا حلف في الإسلام" فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه، والله أعلم". انظر: صحيح مسلم بشرح النووي16/ 81 - 82.
2 قال المؤلف في تفسيره2/ 73، بعد ذكر هذا القول: "وهذا قول سعيد بن جبير وهو يدل على أن الآية محكمة".

الصفحة 370