كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ. تَقْدِيرُهُ: فَعِظْهُمْ فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الإِجَابَةِ فَأَعْرِضْ. وَهَذَا كَانَ قَبْلَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ السَّيْفِ1.
ذِكْرُ الْآيَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} 2.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: اخْتَصَمَ يَهُودِيٌّ وَمُنَافِقٌ، وَقِيلَ: بَلْ مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ، فَأَرَادَ الْيَهُودِيُّ، وَقِيلَ: الْمُؤْمِنُ، أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى الْمُنَافِقُ. فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} 3 إِلَى هَذِهِ الآيَةِ، وَكَانَ مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ: وَلَوْ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا مِنْ (صَنِيعِهِمْ) 4 وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ5،وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ منتحلي التفسير:
__________
1 قلت: ذكر دعوى النسخ هنا ابن حزم في ناسخه (332) وابن سلامة في ناسخه (37) وابن هلال في ناسخه المخطوط ورقة (23) ولم يتعرض له النحاس أو مكي بن أبي طالب أصلاً.
أما المؤلف فكما اكتفى بعزو هذا القول إلى المفسرين هنا فقد اكتفى بعزوه إلى قوم في زاد المسير، ولم يبد رأيه فيه. انظر: زاد المسير 2/ 122.
2 الآية (64) من سورة النساء.
3 الآية (60) من سورة النساء.
4 في (هـ) ضيعتهم، وهو تصحيف.
5 قلت: هذا السبب الذي أورده المؤلف في نزول الآية هو مكون من سببين مستقلين رويا من طريقين مختلفين:
فالأول: أنها نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة إلى آخر ما قاله المؤلف. رواه الواحدي في أسباب النزول (92) عن الكلبي عن أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ رجلاً من بني النضير قتل رجلاً من بني قريظة فاختصموا، فقال المنافقون منهم: انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن، وقال المسلمون من الفريقين بل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى المنافقون، فنزلت هذه الآية. ذكره المؤلف في زاد المسير2/ 118 - 119.

الصفحة 375