كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

قوله تعالى: {يَصِلُونَ}: يَدْخُلُونَ فِي عَهْدٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ. وَالْمَعْنَى: يَنْتَسِبُونَ بِالْعَهْدِ1 أَوْ يصلون إلى قوم جاؤوكم، حصرت
__________
1 أوضح المؤلف في تفسيره معنى الآية حيث قال: "وفي {يَصِلُونَ} قولان:
أحدهما: أنه بمعنى: يتصلون ويلجؤون).
قلت: عزا ابن كثير هذا القول إلى السدي وابن زيد وابن جرير.
والثاني: أنه بمعنى ينتسبون. قاله ابن قتيبة، وأنشد:
إذا اتصلت قالت أبكر بن وائل وبكر سبتها والأنوف رواغم
يريد: إذا نسبت".
قلت: قد أنكر النحاس هذا القول وتعقبها بقوله: "قال أبو جعفر: وهذا غلط عظيم؛ لأنه يذهب إلى أن الله تعالى حظر أن يقاتل أحد بينه وبين المسلمين نسب، والمشركون قد كان بينهم وبين السابقين أنساب. وأشد من هذا الجهل، الاحتجاج بأن ذلك كان، ثم نسخ، لأن أهل التأويل مجمعون على أن الناسخ له (براءة) وإنما نزلت (براءة) بعد الفتح وبعد أن انقطعت الحروب، وإنما يأتي هذا من الجهل بقول أهل التفسير، والاجتراء على كتاب الله تعالى وحمله على المعقول من غير علم بأقاويل المتقدمين.
والتقدير على قول أهل التأويل: فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، أولئك خزاعة صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على أنهم لا يقاتلون، وأعطاهم الذمام والأمان، ومن وصل إليهم فدخل في الصلح معهم، كان حكمه كحكمهم {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي: وإلا الذين جاؤوكم حصرت صدورهم وهم بنو مدلج وبنو خزيمة ضاقت صدورهم أن يقاتلوا المسلمين، أو يقاتلوا قومهم بني مدلج. (وحصرت) خبر بعد خبر). انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص: 109.

الصفحة 380