كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

قال أبو بكر: وبنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: بنا ابن أبي غنية، قال: بنا أَبِي، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: لَوْ ذَبَحَ النَّصْرَانِيُّ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ الْمَسِيحُ لَأَكَلْتُ مِنْهُ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ لَنَا ذَبَائِحَهُمْ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ".
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْه} 1
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَتْ ذَبِيحَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ، لِأَنَّ الأَصْلَ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا (فمتى علم) 2 أنهم قد ذَكَرُوا غَيْرَ اسْمِهِ لَمْ يُؤْكَلْ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي3.
وَمِمَّنْ قَالَ: إِذَا سَمِعْتُ الْكِتَابِيَّ يُسَمِّي غَيْرَ اللَّهِ فَلا تَأْكُلْ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَطَاؤُسٌ وَالْحَسَنُ4، وعن عبادة
__________
1 الآية (121) من سورة الأنعام.
وقد ذكر هذا القول المؤلف في مختصر عمدة الراسخ ورقة (5) ولم ينسبه إلى أحد، ولم يتعرض لقول النسخ في تفسيره.
2 في (هـ): فمتى علمتم.
3 قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم2/ 196: "أحل الله طعام أهل الكتاب، وكان طعامهم عند بعض من حفظت عنه من أهل التفسير ذبائحهم، وكانت الآثار تدل على إحلال ذبائحهم، فإن كانت ذبائحهم يسمونها الله تعالى فهو حلال، وإن كان لهم ذبح آخر يسمون عليه غير اسم الله تعالى، مثل اسم المسيح، أو يذبحونه باسم دون الله تعالى لم يحل هذا من ذبائحهم".
4 ذكر النحاس هذا القول عن هؤلاء، ثم قال عن مالك أنه قال أكره ذلك. ولا أرى تحريمه. انظر: الناسخ والمنسوخ (117).

الصفحة 403