كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

وَقَدْ حَكَى أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ وُكِّلْنَا إِلَى الآيَةِ لَكَانَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلاةِ الطَّهَارَةُ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصَّلَوَاتِ) 1 بِطَهُورٍ وَاحِدٍ، بَيَّنَهَا فَيَكُونُ الْمَعْنَى: إِذَا قُمْتُمْ وَقَدْ أَحْدَثْتُمْ فَاغْسِلُوا2.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ نُسِخَ بِوَحْيٍ لَمْ تَسْتَقِرَّ تِلاوَتُهُ. فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى أبو جعفر ابن جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ فَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ الْوُضُوءُ إِلا مِنْ حَدَثٍ"4.
ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} 5.
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ هَذَا مَنْسُوخٌ أم محكم؟ على قولين،:
__________
1 في (هـ): الصلاة.
2 تجد نصّ كلام النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ ص: 120.
3 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ ابن عامر الراهب الأنصاري الصحابي وأبوه غسيل الملائكة قتل يوم أحد، وأم عبد الله جميلة بنت عبد الله بن أبي، استشهد عبد الله يوم الحرة في ذي الحجة سنة 62هـ. وكان أمير الأنصار بها يومئذ. انظر: التقريب (131).
4 أخرجه الطبري في جامع البيان6/ 73 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ رضي الله عنهما، وذكره السيوطي في الدر المنثور2/ 262، وزاد نسبته إلى أحمد وأبي داود، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، والبيهقي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ.
قلت: لم يتعرض المؤلف في مختصر عمدة الراسخ لدعوى النسخ هنا، ونقل إحكام الآية في زاد المسير2/ 299 عن علي وعكرمة وابن سيرين كما نقل دعوى النسخ عن جماعة، ولم يبد رأيه. وأما الطبري فقد فسر الآية بما يؤيد إحكامها، وهو اختيار مكي بن أبي طالب في الإيضاح ص: 228.
5 الآية (13) من سورة المائدة.

الصفحة 406