كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أحدهما: أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الرَّسُولِ التَّبْلِيغُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الاقْتِصَارَ عَلَى التَّبْلِيغِ دُونَ الأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِآيَةِ السَّيْفِ1 وَالأَوَّلُ أَصَّحُ2.
ذِكْرُ الآيَةِ الثَّامِنَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} 3.
لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا قَوْلانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ: قَالَ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ هِيَ تَتَضَمَّنُ كَفَّ الأَيْدِي عَنْ قِتَالِ (الضَّالِّينَ) 4 فَنُسِخَتْ. وَلَهُمْ فِي ناسخها قولان:
أحدهما: آيَةُ السَّيْفِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ آخِرَهَا نَسَخَ أَوَّلَهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ جَمَعَتِ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ غير هذه وموضع الْمَنْسُوخِ مِنْهَا إِلَى قَوْلِهِ: {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ} والناسخ قوله: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} والهدى ها هنا الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ5.
__________
1 ذكره ابن حزم في ناسخه (337) وابن سلامة في ناسخه ص: 42.
2 قلت: لم يعرض النحاس والمكي لدعوى النسخ هنا. وقد ذكره المؤلّف في زاد المسير2/ 432، وفي مختصر عمدة الراسخ ورقة (6) عن بعضهم. ورجّح فيه إحكام الآية.
3 الآية (105) من سورة المائدة.
4 في (م): بلا نقاط.
5 ذكر ذلك هبة الله في كتابه الناسخ والمنسوخ ص: 42، كما ذكر نحوه ابن العرب في أحكام القرآن2/ 79 عن بعض العلماء.

الصفحة 415