كتاب نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه ت المليباري (اسم الجزء: 2)

ذِكْرُ الْآيَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} 1. قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، أَنَّهُمْ قَالُوا: نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} 2 وَهَذَا (غَلَطٌ) 3؛ لِأَنَّهُمْ إِنْ (أَرَادُوا) 4 النَّسْخَ حَقِيقَةً وَلَيْسَ هَذَا بِنَسْخٍ، وَإِنْ أَرَادُوا التَّخْصِيصَ (وَأَنَّهُ خُصَّ) 5 بِآيَةِ الْمَائِدَةِ طَعَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَلَى الذَّبِيحَةِ فَيُحْمَلُ أَمْرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ تَيَقَّنَّا أَنَّهُمْ تَرَكُوا ذِكْرَهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَنْ نِسْيَانٍ، وَالنِّسْيَانُ لا يَمْنَعُ الْحِلَّ، فَإِنْ تَرَكُوا لا عَنْ نِسْيَانٍ، لَمْ يَجُزِ الأَكْلُ فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ أَصْلا.
وَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عليه الْبَتَّةِ6 فَقَدْ خَصَّ عَامًّا، وَالْقَوْلُ بِالْعُمُومِ أَصَحُّ وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ هَذِهِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ. لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا عِنْدَهُ الْمَيْتَةُ أو يكون نهي كراهة7.
__________
1 الآية (121) من سورة الأنعام.
2 الآية الخامسة من المائدة. ذكر النسخ الطبري بإسناده في جامع البيان8/ 106 - 107 عن عكرمة والحسن من طريق الحسين بن واقد - وفيه مقال - وقد جاء فيه نسخ ثم استثنى.
3 في (هـ) بالظاء المعجمة وهو خطأ من الناسخ.
4 في (هـ): أراد بالإفراد وهو خطأ من الناسخ.
5 في (هـ): وإن خص، ولعل هاء الضمير سقط من الناسخ.
6 روى ذلك ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس كما ذكره السيوطي في الدر المنثور3/ 42.
7 قلت: للمؤلف كلام شبيه بهذا في كتابيه التفسير والمختصر، وممن اختار إحكام الآية الطبري في المصدر السابق والنحاس ص: 114، ومكي بن أبي طالب في الإيضاح (248).

الصفحة 430